مهرجان كان السينمائي يُعدّ من أبرز الفعاليات السينمائية العالمية التي تجمع بين الفن، الثقافة، والأناقة. غير أن هذا البريق لم يمنعه من الدخول في جدالات متكررة حول قواعد اللباس التي تُفرض على السجادة الحمراء. وفي خطوة جديدة أثارت الانتباه، أعلن القائمون على المهرجان عن حظر واضح للتعري والملابس "الضخمة بشكل مفرط" ضمن ميثاقه الرسمي لهذا العام.
وجاء هذا القرار بعد سلسلة من الحوادث المثيرة للجدل التي شهدها المهرجان في السنوات الأخيرة، من بينها ظهور إحدى المتظاهرات عارية الصدر على السجادة الحمراء عام 2022، بالإضافة إلى الإطلالة الشفافة التي اختارتها بيانكا سينسوري في حفل توزيع جوائز الغرامي. وقد دفع ذلك المنظمين إلى إصدار تعليمات رسمية تنص على أن "التعري الكامل ممنوع على السجادة الحمراء، تماشياً مع الإطار المؤسسي للمهرجان والقانون الفرنسي."
وبحسب البيان، فإن الهدف من هذه التوجيهات ليس فرض نمط معيّن من الأزياء بقدر ما هو تنظيم ما يمكن اعتباره خرقاً للأعراف أو تهديداً للسلامة داخل الفعالية. وشددت الإدارة على أنها "تحتفظ بحق منع دخول أي شخص يرتدي ملابس تعيق حركة الضيوف الآخرين أو تعقّد ترتيبات الجلوس في قاعات العرض."
ويثير هذا القرار تساؤلات حول مدى تطبيقه الفعلي، خصوصاً أن بعض الإطلالات السابقة مثل الفستان الوردي الضخم الذي ارتدته المخرجة غريتا غيرويغ والمزود بذيل متوسط الطول لم تُمنع، رغم ما تسببه الفساتين الطويلة من ازدحام على الدرج الشهير المؤدي إلى قصر المهرجانات.
جدير بالذكر أن مهرجان كان لطالما واجه انتقادات تتعلق بصرامة قواعد اللباس لديه، وخاصة فيما يخص الأحذية التي وُصف ارتداؤها بـ"الأنيقة" كمطلب أساسي لحضور العروض المسائية. هذه السياسة اعتُبرت تمييزية تجاه النساء، خاصة حين كان يُنظر إلى الأناقة بمعناها الضيق المرتبط بالكعب العالي، قبل أن تصبح الأحذية المنخفضة مقبولة باستثناء الأحذية الرياضية. ولا تزال بعض الحوادث تثير الجدل، كما حصل عندما مُنعت منتجة من السكان الأصليين من دخول إحدى الفعاليات بسبب ارتدائها خُفّاً تقليدياً moccasins في عام 2022.
في النهاية، تسعى إدارة مهرجان كان إلى إيجاد توازن دقيق بين الحفاظ على الطابع الرسمي والاحتفالي للحدث، وبين احترام حرية التعبير والاختلاف الثقافي في الأزياء. وبينما قد يرى البعض في هذه القواعد نوعاً من التقييد، فإنها من وجهة نظر المهرجان تأتي في إطار السعي لضمان سلاسة التنظيم واحترام تقاليد المهرجان العريقة.