الملك فيليم-ألكساندر والملكة ماكسيما استضافا السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، سلطان عُمان، في مأدبة عشاء ملكية، لكن كل الأنظار كانت متجهة نحو أميرة أورانج، الأميرة كاثارينا-أماليا، وهي تحتفل بلحظة رمزية تعبّر عن اكتمال دورة من حياتها الملكية.
لطالما عشقت الأميرة كاثارينا-أماليا التيجان. ففي سن الثامنة فقط، كانت الأميرة الصغيرة تجرب تاج الياقوت الملكي من "ميليريو" أثناء تحضيرات والدتها الملكة ماكسيما لمهامها الرسمية. وفي سيرتها الذاتية التي تحمل اسم "أماليا"، صرّحت الأميرة قائلة: "أروني تاجاً، وسأعرف من أين أتى. يمكنني التعرّف على كل التيجان في أوروبا."
وفي سن الحادية والعشرين، حظيت الأميرة بفرصة فريدة لتتألق بأحد أروع جواهر التاج الهولندي، حيث ظهرت رسميًا مرتدية التاج نفسه الذي ارتدته في طفولتهاK تاج "ميليريو" المرصع بالياقوت، وذلك خلال مأدبة رسمية أُقيمت تكريمًا للسلطان هيثم بن طارق أثناء زيارته الرسمية لهولندا.
وقد أضفت الأميرة لمسة من الأناقة الراقية بإطلالتها الساحرة، حيث ارتدت فستانًا ورديًا ناعمًا مع كاب أنيق من تصميم Safiyaa، وأكملت مظهرها بوسام "نهضة عُمان"، في إطلالة جمعت بين الفخامة والرقي الملكي.
يحمل تاج "ميليريو" تاريخًا ملكيًا طويلًا وعريقًا، إذ ارتدته ستة أجيال من الملكات ووريثات العرش. تعود أصول التاج إلى عام 1888 حين طلب الملك فيليم الثالث تصميم طقم مجوهرات فاخر بمناسبة عيد ميلاد زوجته الملكة إيما الثلاثين. وقد صمّمه الصائغ الأسطوري أوسكار ماسان، المعروف بلقب "مصلح الألماس"، وبلغت قيمة الطقم آنذاك ما يعادل 71,000 جنيه إسترليني بقيمة اليوم.
لكن المأساة حلّت قبل أن ترتديه الملكة إيما، إذ توفي الملك فيليم قبل إهدائها إياه، فظهرت به للمرة الأولى في بورتريه عام 1891، تخليدًا لتتويج ابنتهما الملكة فيلهلمينا. وواصلت الملكة إيما ارتداء التاج حتى وفاتها عام 1934، حيث ورثته ابنتها التي ارتدته في مناسبات باذخة، مثل حفل زفاف ابنتها الأميرة جوليانا على الأمير برنارد عام 1937، وكذلك في صورها الرسمية بمناسبة اليوبيل الذهبي عام 1940.
أما الملكة جوليانا، فقد أولت التاج اهتمامًا خاصًا، إذ ارتدته في حفل عيد ميلاد ابنتها الأميرة بياتريكس الثامن عشر وفي زفافها عام 1966. كما اختارته لحفل زفاف الملك بودوان والملكة فابيولا في بلجيكا عام 1960، ورافقها التاج أيضًا خلال زيارات دولة متعددة، منها إثيوبيا وإندونيسيا.
وعلى الرغم من أن الملكة بياتريكس كثيرًا ما ارتدت جواهر التاج خلال فترة توليها لقب ولية العهد، بما في ذلك خلال حفل زفاف الملك خوان كارلوس ملك إسبانيا والأميرة صوفيا من اليونان عام 1962 إلا أنها لم تكن تُكنّ نفس الإعجاب بطقم "ميليريو" بعد أن أصبحت ملكة، حيث لم يظهر الطقم في المناسبات الرسمية لمدة تقارب العقدين، ما بين عام 1982 ومنتصف العقد الأول من الألفية الجديدة. لكنها ارتدت التاج لاحقًا في مناسبتين بارزتين: زفاف ولية عهد السويد الأميرة فيكتوريا بالأمير دانيال عام 2010، والزيارة الرسمية إلى سلطنة عُمان عام 2012، في لفتة ذات دلالة رمزية.
وبعد أن أصبحت الملكة ماكسيما ولية للعهد، أعادت الحياة إلى تاج "ميليريو"، حيث اختارته للعديد من حفلات الزفاف والمناسبات الملكية الرفيعة. من أبرز تلك المناسبات: زفاف ولي العهد الدوق الأكبر غيوم والكونتيسة ستيفاني دي لانوي عام 2012، وصورتها الرسمية بعد تنصيبها ملكة عام 2013، وكذلك حفل زفاف الأمير كارل فيليب والأميرة صوفيا من السويد عام 2015. ولهذا، فإن ظهور الأميرة كاثارينا-أماليا بهذا التاج الآن يُعتبر لحظة رمزية مكتملة الدائرة، وتذكيرًا ناعمًا بعرش ينتظرها في المستقبل.
لكن أميرة أورانج لم تكن الوحيدة التي خطفت الأنظار بالمجوهرات في العشاء الرسمي الذي أُقيم تكريمًا للسلطان العُماني. فقد تألقت الملكة ماكسيما بدورها بتاج اللؤلؤ الفخم المعروف باسم تاج بيرل فورتمبرغ الفاخر، الذي يُعد واحدًا من أكثر التيجان فخامة وتفصيلاً في خزائن العائلة المالكة الهولندية، ويتميز بإعداد فاخر يتضمن أحد عشر لؤلؤة بشكل كمثري في تصميمه البديع.
ويُعتقد أن هذا التاج يعود إلى عام 1839، حيث صُنع خصيصًا للملكة صوفي الهولندية، ومن ثم انتقل عبر الأجيال إلى الملكة فيلهلمينا، التي ارتدته في بورتريه بلوغها سن الرشد، ثم إلى الملكة جوليانا، التي تألقت به خلال زيارتها الرسمية إلى بريطانيا عام 1950 ولقائها بالملك جورج السادس والملكة المستقبلية إليزابيث. أما الملكة بياتريكس، فقد أصبح التاج المفضل لديها بعد أن ارتدته في حفل زفافها على كلاوس فون أمسبيرغ عام 1966.
ورغم تقاعدها عن العرش، لا تزال الملكة بياتريكس، البالغة من العمر الآن 87 عامًا، ترتدي التاج في مناسبات مختارة. وفي هذه المناسبة، كان التاج يزين رأس الملكة ماكسيما، التي اختارت له فستانًا مطرزًا من تصميم مهبرة خان Mahpara Khan، وهو نفس الفستان الذي ارتدته في زفاف ولي العهد الأردني الأمير الحسين والأميرة رجوة في عام 2023.
كما انضمت إلى العائلة الملكية الهولندية إحدى الشخصيات الملكية التي نادرًا ما تظهر في المناسبات العامة، وهي الأميرة فيكتوريا من بوربون-بارما، كونتيسة مونتيزون. وقد أبهرت الحضور خلال المأدبة الملكية في قصر أمستردام، حيث تألقت بتاج عقد الياقوت الأزرق الهولندي، وهو تاج يُثير اهتمام عشاق التيجان الملكية، خصوصًا بعد أن ارتدته الأميرة كاثارينا-أماليا في عيد ميلاد ولي العهد الدنماركي الأمير كريستيان الثامن عشر عام 2023، حيث نسقته مع فستان أزرق متناسق.
وهكذا، تثبت أميرة أورانج أنها بدأت في رسم ملامح حقبتها الملكية الخاصة، متجهة بخطى واثقة نحو مستقبل يحمل في طياته الكثير من اللحظات الملكية، والفرص لاكتشاف كنوز المجوهرات الهولندية التي لا تقدر بثمن.
