في مساء الثلاثاء 3 حزيران، وبعد انتهاء الانتخابات الرئاسية المفاجئة في كوريا الجنوبية، التي استلهمت أجواؤها من مسلسل 'لعبة الحبار' (Squid Game)، جذبت قناة SBS الكورية الخاصة الأنظار بأسلوب تغطية غير تقليدي، إذ ظهرت رسوم متحركة تُظهر المرشحين يتسابقون على خيول ألعاب صغيرة، بينما بدا المرشح الليبرالي لي جاي ميونغ مبتسمًا وهو يتفوق على خصمه المحافظ كيم مون سو.
رسوم مسلسل لعبة الحبار تغزو الشاشات الانتخابية
هذا الأسلوب، المعروف باسم "صحافة سباق الخيل"، اعتمد على عروض رسومية ترفيهية، حيث ظهرت الشخصيات تتسابق في سيارات، وتشارك في ألعاب مثل شد الحبل، وحتى محاولات لفك انسداد المراحيض! وفي أحد المشاهد، ظهر المرشحون على دراجات ثابتة يرقصون على أنغام K-pop كلما تقدّم أحدهم في النتائج.
ورغم أن العرض كان مضحكاً وغريباً، أصبحت هذه الرسوم جزءاً أساسياً من تغطية الانتخابات في كوريا منذ أكثر من عشر سنوات. فهي تُعرض إلى جانب الأخبار التقليدية، مما يضيف مزيجاً من المعلومات والمرح البصري.
لكن بعض خبراء الإعلام يرون أن هذا الأسلوب الترفيهي قد يشتّت انتباه الجمهور عن المواضيع المهمة، خصوصاً في أوقات تشهد فيها البلاد تغييرات كبيرة وأحداث متسارعة.
خبراء يُحذّرون: Squid Game رمز لهيمنة الترفيه على مشهد السياسة في كوريا
يقول يونغ تشان كيم، أستاذ الإعلام في جامعة يونسي، إن استخدام الرسوم التفاعلية بدأ مع اشتداد المنافسة بين القنوات التلفزيونية منذ التسعينيات، وخاصة بعد دخول قناة SBS إلى الساحة الإعلامية.
ويشير الخبراء إلى أن المنافسة بين القنوات زادت في السنوات الأخيرة مع توجه الشباب نحو وسائل التواصل الاجتماعي واهتمامهم المتزايد بالمحتوى الترفيهي على YouTube. وقد استعانت القنوات بعناصر من الثقافة الكورية الشعبية، مثل مسلسل "لعبة الحبار" من Netflix، في تصميم الرسوم المستخدمة هذا العام.
ويضيف كيم أن ليلة الانتخابات تُعد فرصة مهمة لجذب المشاهدين، لكن التركيز الكبير على التأثيرات البصرية قد يطغى أحيانًا على المعلومات الجوهرية.
أما هون شيك كيم، أستاذ الصحافة في جامعة كولورادو، فيرى أن المشاهدين قد يتذكرون الصور والرسوم أكثر من مضمون التغطية، وهو ما يعكس تزايد تأثير الترفيه في تقديم الأخبار.
بالمقابل، اختارت بعض القنوات نهجًا أكثر رصانة، إذ عرضت قناة KBS الرسمية مشهدًا تم توليده بالذكاء الاصطناعي يُظهر رؤساء سابقين يتصافحون لتسليط الضوء على الانتقال السلمي للسلطة، فيما ركّزت قناة MBC الكورية (Munhwa Broadcasting Corporation) التي تحظى بأعلى نسب مشاهدة – على التاريخ الكوري ومعنى الديمقراطية.
الأستاذة بوهيونغ كيم من جامعة فاندربيلت ترى أن استخدام الرسوم التوضيحية ليس مشكلة بحد ذاته، فهي تؤكد أن القنوات ما زالت قادرة على تقديم تحليلات معمقة لبرامج المرشحين مع الحفاظ على الطابع الترفيهي البصري.
لكنها تحذر من أن المشكلة الحقيقية تكمن في "إعادة إنتاج القوالب النمطية"، مثل التركيز فقط على الحزبين الكبيرين وترويج صورة المرشحين دون نقد موضوعي.
وعلى الرغم من أن البعض يعتبر رسوم مسلسل لعبة الحبار مجرد ترفيه، إلا أن كيم تشير إلى معاني أعمق، قائلة: "في زمن فقد فيه كثيرون ثقتهم في مكانة كوريا العالمية بعد إعلان يون الأحكام العرفية، تحاول SBS استغلال فخر الجمهور بالثقافة الكورية العالمية".
تقرير سابق من ET بالعربي: حقائق عن الموسم 2 من Squid Game